(2009) Paranormal Activity ~ الـظـواهـر الـتـي صـنـعـت الـظـاهـرة !!

اول مرة سمعت فيها عن الفيلم، كانت في اسبوعه الثالث في البوكس افيس، و ذلك بفضل قفزته الخيالية من المركز 20 الى المركز الخامس، رغم قلة دور السينما التي عرض فيها مقارنة بمنافسيه في السباق، فكان معدل الارباح التي حققها في كل دار سينما يتجاوز 49 الف دولار وهو رقم قياسي يسجل له.. المهم انه و منذ ذلك الحين و انا انتظر صدور جودة منه للتحميل، و بعد صدورها و تحميلها، بدأت انتظر صدور الترجمة و التي ظهرت امس، فكان هذا الفيلم هو فيلم السهرة و اول شيء اقوم به بعد استيقاظي اليوم هو كتابة هذه الاسطر..

تدور احداث الفيلم حول ثنائي يعيش في منزل تحدث فيه ظواهر غريبة، فيقومان بتبيث كاميرا في غرفة النوم لتسجيل كل الظواهر التي تحدث اثناء نومهما، و ذلك لقطع الشك باليقين.. و تم جمع تسجيلاتهم و صنع فيلم منها..

اول نقطة جديرة بالتفسير في الفيلم، هي ان احداثه ليست واقعية كما تحاول البداية و النهاية الايهام به، بل هو اسلوب لاضفاء بعض الواقعية في احداثه، وهو متبع في بعض الافلام و التي اخذ منها هذا الفيلم الاساليب المتبعة فيه مثل التفاهة Cannibal Holocaust او The Blair Witch Project..

بعد مشاهدة الترايلر كنت اعتقد اني امام فيلم برؤية و اسلوب جديدين، و لكن هذا كان خاطئا، فالفيلم باكمله كان اعادة لافلام كثيرة، او بطريقة اصح الفيلم كان خليطا بين افلام كثيرة، فقصته و الطريقة التي تتوالى بها احداثه تشبه الى حد كبير رائعة الرعب Amityville، بينما اسلوب التصوير فهو جد مكرر و منتشر منذ التفاهة -تأكيد عليها- Cannibal Holocaust، فقد صادفناه في جزءي The Blair Witch، كما صادفناه في الفيلم الاسباني Rec ونسخته الامريكية Quarantine، دون ان ننسى Cloverfield... الى غير ذلك من الافلام.. هذا الاسلوب في التصوير اثبت انه احد افضل الاساليب التصويرية لافلام الرعب في السنوات الاخيرة، فهو يدخل المشاهد في احداث الفيلم و كانه "متورط" فيها، مما يعطي الفيلم ابعاد اخرى اكثر اثارة و متعة، و هذا ما ينطبق على فيلمنا اليوم، و الذي يتفوق في في نقطة مهمة على باقي تلك الافلام و هو ان الكاميرا فيه لم تكن تتحرك طوال الوقت، عكس الافلام الاخرى، بل في اكثر لحظات الفيلم اثارة تكون تابثة في غرفة النوم، و هذا ما يعفينا من طرح السؤال التقليدي بعد نهاية الفيلم :"لماذا الكاميرا توجه دائما للمكان الذي يظهر فيه شيء ؟ اي ان هناك في الافلام الاخرى احداث تكون مفاجئة و لكن الكاميرا تكون موجهة دائما للجهة التي تحدث فيها".. طريقة عرض التسجيلات علينا كانت فيها نقطة جيدة، و هي ادخال التوقيت في الجانب الايمن في اسفل الشاشة، حيث ان تسريع المشاهد يعني انه لم يكن هناك شيء جدير بالاهتمام، و لكن بمجرد ما تعود الصورة و الوقت لسرعتهما الطبيعية، تبدأ متعة الفيلم، فتبدأ في تشتيت بصرك على الشاشة و البحث عن "الروح الشريرة" وعن المكان الذي ستظهر فيه، و هذا ما يجعل المشاهد يركز على الشاشة و يقفز من مكانه عند ظهورها، هذا يحدث اكثر في قاعات السينما حيث الصورة كبيرة و الصوت قوي، و اتذكر انه في بعض الافلام كنت انسى الشاشة و اركز على ردات فعل الناس و لو قمت بتصوير المشاهد بكاميرا يدوية و جمعها في فيلم كوميدي لحقق نفس النجاح الذي حققه فيلمنا اليوم..

مخرج و سيناريست الفيلم Oren Peli كان ذكيا، و عرف كيف يقدم فيلم رعب جيد بميزانية خيالية.. ليس لكبرها بل العكس من ذلك.. فميزانية الفيلم لم تتجاوز 15 الف دولار !! و احداثه كلها تجري في منزل صغير وهو منزله.. منذ البداية قدم لنا الشخصيات الاساسية في الفيلم، و هما الثنائي، و قدمهما بشكل يجعل المشاهد يتعلق بهما، فهما صورة للثنائي الامريكي المثالي، كما انه لم يرهق نفسه في البحث عن شكل لروحه الشريرة، لانها بكل بساطة لا تظهر في اي من مشاهد الفيلم، بل نرى فقط ما تسببه، و هنا ايضا لعب المخرج على احدى اهم الامور التي يخاف منها الانسان.. اي الظلام و الفراغ، فكما سبق الذكر لا تظهر الروح الشريرة في الفيلم، بل كل ما نراه هو باب يتحرك، او صوت خطوات قدمين او صراخ و ضرب على الحائط.. و هذا ما جعل احد الشخصيتيتن يبدأ في فقدان اعصابه و يصرخ دوما و يطلب من الروح الشريرة الظهور مع ان اخر شيء ستفكر فيه حينها هو استفزازها، و هذا لان الاكثر رعبا ليس ما نراه.. بل ما نسمعه ولا نراه.. و هذا ما بنى عليه المخرج فيلمه.. كما ان المخرج اخذ الامور ببساطة مطلقة، فلم يعقد الامور بحثا عن بداية للعنة و ينهيها بجلسة طرد ارواح تليها نهاية هوليوودية خالصة.. كما استخدم بعض الخدع البسيطة جدا في اظهار اثار الروح و ما تسببه.. كل هذا جعل الفيلم اشبه ما يكون بتلك المقاطع حول الظواهر غير الطبيعية المنتشرة على اليوتوب و التي تلاقي نجاحا و انتشارا كبيرين.. هناك نقطة اجابية في الفيلم و هي ان الروح ليست مستقرة في المنزل مثل جل افلام الرعب، بل تلاحق القتاة منذ صغرها.. و هذا ما يعفينا ايضا من طرح السؤال التقليدي -ايضا- بعد نهاية الفيلم :"لماذا لم يغادروا البيت ؟"..

لا يمكن باي حال من الاحوال القول ان الفيلم كان بدون نقاط ضعف، بل كان يحتوي على بعضها، ففي بعض المشاهد قد يصاب المشاهد بالملل بسبب التقسيم الزمني لاحداث الفيلم، ففي النهار لا يحدث شيء، و هذا ما يجعل الاحداث التي تدور فيه مملة و العكس صحيح، فالاحداث المهمة من الفيلم تحدث ليلا فقط، كما ان التمهيد لاحداث الفيلم كان بطيئا، و في البداية لا يحدث اي شيء قبل ان يبدأ خط الاحداث في التصاعد.. و هنا ايضا لم يقدم المخرج اي تفسير لسبب تصاعد حدة الاحداث.. هل بسبب الكاميرا ام ماذا ؟ اضف الى ذلك شخصية الوسيط الروحي و الطريقة التي "هرب" بها من المنزل.. و التي تشبه كثيرا ما حدث في فيلم Amityville، كما ان نهاية الفيلم كانت سريعة و لم تعط اجابات للاسئلة التي تطرح في الفيلم.. فنحن نعرف ان اللعنة تطارد الفتاة.. و علمنا عن حالة مشابهة.. و لكن لم يقدم لنا تفسير لهذا.. اي لماذا تلك الروح تلاحق الفتاة ؟ و ما علاقتها بتلك الفتاة الاخرى التي حدث معها نفس الامر..

في الفيلم كانت هناك اربع شخصيات فقط.. البطلان، و شخصيتين ثانويتين تظهران في مشاهد قليلة جدا، اختيار الثنائي كان في المستوى، فقد كان هناك تناغم مميز بينهما، و هذه هي النتيجة التي بحث المخرج عنها..

في الاخير يجب التذكير ان ميزانية الفيلم لم تتعدى 15 الف دولار، احداثه تم تصويرها بكاميرا واحدة، و في بيت المخرج، و انه حقق رقما قياسيا في معدل المداخيل في قاعة السينما الواحدة، بتحقيقه معدل تجاوز 49 الف دولار بقليل.. وتجدر الاشارة الى ان شركة دريمووركس للانتاج قد اشترت حقوق الفيلم و ذلك لتقوم بانتاج اعادة له.. كعادة اي فيلم رعب يحقق النجاح..

لقد شاهدة هدا الفيلم ولم استطع النوم